فصل: تفسير الآيات (10- 12):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أعطي الشكر لم يحرم الزيادة؛ لأن الله تعالى يقول: {لئن شكرتم لأزيدنكم} ومن أعطي التوبة لم يحرم القبول؛ لأن الله يقول: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده}».
وأخرج البخاري في تاريخ والضياء المقدسي في المختارة، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أُلْهِمَ خمسة لم يحرم خمسة، من ألهم الدعاء لم يحرم الاجابة؛ لأن الله يقول: {ادعوني استجب لكم} ومن ألهم التوبة لم يحرم القبول؛ لأن الله يقول: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده} ومن ألهم الشكر لم يحرم الزيادة؛ لأن الله تعالى يقول: {لئن شكرتم لأزيدنكم} ومن ألهم الاستغفار لم يحرم المغفرة؛ لأن الله تعالى يقول: {استغفروا ربكم إنه كان غفارًا} ومن ألهم النفقة لم يحرم الخلف؛ لأن الله تعالى يقول: {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} [سبأ: 29]».
{أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ}
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرؤها {وعادًا وثمودًا والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله} قال: كذب النسابون.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر، عن عمرو بن ميمون رضي الله عنه مثله.
وأخرج ابن الضريس، عن أبي مجلز رضي الله عنه قال: قال رجل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنا أنسب الناس. قال: إنك لا تنسب الناس. قال: بلى. فقال له علي رضي الله عنه أرأيت قوله تعالى: {وعادًا وثمودًا وأصحاب الرس وقرونًا بين ذلك كثيرًا} [الفرقان: 38] اقل: أنا أنسب ذلك الكثير. قال: أرأيت قوله: {ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله} فسكت.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال: ما وجدنا أحدًا يعرف ما وراء معد بن عدنان.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: بين عدنان وإسماعيل، ثلاثون أبا لا يعرفون.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في الآية قال: لما سمعوا كتاب الله، عجبوا ورجعوا بأيديهم إلى أفواههم،: {وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب} يقولون: لا نصدقكم فيما جئتم به، فإن عندنا فيه شكًا قويًا.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه: {جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم} قال: كذبوا رسلهم بما جاؤوهم من البينات، فردوه عليهم بأفواههم وقالوا: {إنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب} وكذبوا ما في الله عز وجل شك، أفي من فطر السموات والأرض؟ وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقًا لكم، وأظهر لكم من النعم والآلاء الظاهرة ما لا يشك في الله عز وجل.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {فردوا أيديهم في أفواههم} قال: ردوا عليهم قولهم وكذبوهم.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وأبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، عن ابن مسعود رضي الله عنه: {فردوا أيديهم في أفواههم} قال: عضوا عليها. وفي لفظ: عضوا على أناملهم غيظًا على رسلهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {فردوا أيديهم في أفواههم} قال أدخلوا أصابعهم في أفواههم. قال: وإذا غضب الإنسان عض على يده.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه في قوله: {فردوا أيديهم في أفواههم} قال: هو التكذيب. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)}
قوله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ} يجوزُ أن يكونَ نِسَقًا على: {إِذْ أَنجَاكُمْ}، وأن يكونَ منصوبًا ب {اذكروا} مفعولًا لا ظرفًا. وجَوَّز فيه الزمخشري أن يكون نَسَقًا على {نعمة} فهو مِنْ قولِ موسى، والتقدير: وإذ قال موسى: اذكروا نعمةَ الله واذكروا حين تَأَذَّن. وقد تقدَّم نظيرُ ذلك في الأعراف. وقرأ ابن محيصن {يَذْبَحون} مخففًا.
{أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ} قوله تعالى: {قَوْمِ نُوحٍ}: بدلٌ أو عطفُ بيانٍ.
قوله: {والذين مِن بَعْدِهِمْ} يجوز أن يكونَ عطفًا على الموصولِ الأولِ، او على المبدل منه، وأن يكونَ مبتدأً، خبرُه: {لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ الله}، و{جاءَتْهُم} خبر آخر. وعلى ما تقدَّم يكون {لا يعلمهم} حالًا من {الذين}، أو من الضمير في: {مِن بَعْدِهِمْ} لوقوعِه صلةً، وهذا عنى أبو البقاء بقوله: حال من الضمير في: {مِن بَعْدِهِمْ}، ولا يُريد به الضميرَ المجرورَ، لأنَّ مذهبَه مَنْعُ الحالِ من المضاف إليه، وإن كان بعضُهم جَوَّزه في صورٍ. وجَوَّز أيضًا هو الزمخشري أن تكونَ استئنافًا.
وقال الزمخشري: والجملةُ مِنْ قولِه: {لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ الله} اعتراضٌ. ورَدَّ عليه الشيخ بأنَّ الاعتراضَ إنما يكون بين جُزْأَيْن أحدهما يطلب الآخر، ولذلك لمَّا أَعْرَبَ الزمخشريُّ {والذين} مبتدأً و{لا يَعْلمهم} خبره، قال: والجملةُ مِنَ المبتدأ والخبر اعتراضٌ. واعترضه الشيخُ أيضًا بما تقدَّم. ويمكنُ أن يُجابَ عنه في الموضعين: بأنَّ الزمخشريَّ يمكن أن يعتقدَ أنَّ {جاءَتْهم} حالٌ مما تقدَّم، فيكون الاعتراضُ واقعًا بين الحالِ وصاحبِها، وهذا كلامٌ صحيح.
قوله: {فردوا أَيْدِيَهُمْ في أَفْوَاهِهِمْ} يجوز أن تكونَ الضمائرُ للكفَّارِ، أي: فَرَدَّ الكفارُ أيديَهم في أفواههم من الغيظ. و{في} على بابِها من الظرفية، أو فَرَدُّوا أيديَهم على أفواههم ضحكًا واستهزاءً. ف {في} بمعنى على، أو أشاروا بأيديهم إلى ألسنتهم وما نطقوا به من قولِهم: إنَّا كَفَرْنا، فهي بمعنى إلى. ويجوز أن يكونَ المرفوعُ للكفار والآخران للرسل، على أن يُراد بالأيدي النِّعَم، أي: رَدُّوا نِعَمَ الرُّسُل وهي نصائحُهم في أفواهِ الرسل، لأنهم إذا كَذَّبوها كأنهم رَجَعوا بها من حيث جاءَتْ على سبيل المثل. ويجوز أن يُراد هذا المعنى، والمرادُ بالأيدي الجوارح. ويجوز أن يكون الأوَّلان للكفار، والأخيرُ للرسُل، أي: فَرَدَّ الكفارُ أيديَهم في أفواهِ الرسُل، أي: أطبِقُوا أفواهَكم، يشيرون إليهم بالسكوت، أو وَضَعُوها على أفواههم يمنعونهم بذلك من الكلامِ.
وقيل: {في} هنا بمعنى الباء. قال الفراء: قد وَجَدْنَا من العرب مَنْ يجعل {في} موضعَ الباء. يُقال: أَدْخَلَكَ بالجنَّة، وفي الجنَّة، وأنشَد:
وأرغَبُ فيها عن لَقيطٍ ورَهْطِهِ ** ولكنَّني عن سِنْبِسٍ لستُ أرغبُ

أي: أرغب بها. وقال أبو عبيدةَ: هذا ضَرْبُ مَثَلٍ، تقول العرب: رَدَّ يَدَه في فيه، إذا أمسكَ عن الجوابِ، وقاله الأخفش أيضًا. وقال القتيبي: لم نسمعْ أحدًا يقول: رَدَّ يده في فيه إذا تَرَكَ ما أُمِرَ به. ورُدَّ عليه، فإنَّ مَنْ حَفِظَ حجةٌ على مَنْ يَحْفَظْ. وقرأ طلحة {تَدْعُونَّا} بإدغامِ نونِ الرفع في نون الضميرِ، كما تُدْغَم في نونِ الوقاية. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)}
إن شكرتم لأزيدنكم من إنعامي وإِكرامي، وإن كفرتم بإحساني لأعذبنكم اليوم بامتحاني، وغدًا بفراقي وهجراني.
لئن عرفتم وصالي لأزيدنكم من وجود نوالي إلى شهود جمالي وجلالي.
ويقال لئن شكرتم وجوده توفيق العبادة لأزيدنكم بتحقيق الإرادة.
ويقال لئن شكرتم شهود المَكَافِي لأزيدنكم بشهود أوصافي.
ويقال لئن شكرتم صنوف إنعامي لأزيدنكم بشهود إكْرَامِي ثم إلى شهود إِقْدَامي.
ويقال لئن شكرتم مختص نعمائي لأزيدنكم مُنْتَظرَ آلائي.
ويقال لئن شكرتم مخصوص نِعَمي لأزيدنكم مأمول كَرَمِي.
ويقال لئن شكرتم ما خَوَّلناكُم من عطائي لأزيدنكم ما وعدناكم من لقائي.
ويقال لئن شكرتم ما لَوَّحْتُ في سرائركم زِدْناكُم ما أَلْبسْنَا من العصمة لظواهركم.
ويقال لئن كفرتم نِعْمَتِي بأَنْ توهمتم استحقاقَها لَجَرَّعْنَاكم ما تَسْتَمِرُّون مذاقها.
{وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8)}
إن اجتمعتم أنتم ومن عَاضَدَكُم، وكل من غاب عنكم وحضركم، والذين يقتفون أثركم- على أن تكفروا بالله جميعًا، وأخذتم كل يوم شركاء قطيعًا- ما أوجهتم لِعزِّنا شَيْنا، كما لو شكرتم ما جعلتم بِمُلْكِنا زَيْنا. والحقُّ بنعوته ووصف جبروته عَلِيٌّ وعن العالَمِ بأَسْرِه غنيٌّ.
{أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ}
استفهام في معنى التقرير. أخبره أنه لما جاءتهم الرسلُ قابلوهم بالكنود. وعاملوهم بالجحود وردوا أيديهم في أفواههم، وحَذَوْا سبيل أمثالهم في الكفر، وبنوا على الشك والريبة قواعدَهم، وأسسوا على الشِّرْكِ والغَيِّ مذاهبهم. اهـ.

.تفسير الآيات (10- 12):

قوله تعالى: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10) قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11) وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما كان سامع هذا الكلام يشتد تشوفه إلى جوابه، وكان أصل الدعوة في كل ملة التوحيد، وكان الشاك فيه شاكًا في الله، وكان أمر الله من الظهور بحيث لا يشك فيه عاقل حكّم عقله مجردًا عن الهوى، ساغ الإنكار وإيراد الكلام على تقدير سؤال معرى من التقييد مبهم في قوله: {قالت رسلهم} ولما كان ما شكوا فيه من الظهور بحيث لا يتطرق إليه ريب، أنكروا أن يكون فيه شك، لأن ذلك يتضمن إنكار شكهم وشك غيرهم فقالوا: {أفي الله} أي الذي له جميع صفات الكمال: {شك}.
ولما كان الجواب عامًا لا يخص ناسًا دون ناس، لم يأت بصلة فقال بخلاف قوله: {إن نحن إلا بشر} ثم نبهوهم بالمصنوع على مقصود الدعوة من وجود الصانع وتفرده وظهوره في قولهم: {فاطر السماوات} ولما كان المقام لادعاء أنه في غاية الظهور، لم يحتج إلى تأكيد بإعادة العامل، فقال: {والأرض} أي على هذا المثال البديع والنمط الغريب المنتظم الأحوال، الجميل العوائد، والمتسق الفصول؛ فلما أوضحوا لهم الأدلة على وحدانيته بينوا لهم بأن ثمرة الدعوة خاصة بهم، إنه لا يأباها من له أدنى بصيرة، فقالوا: {يدعوكم} أي على ألسنتنا: {ليغفر لكم}.
ولما كان الكافر إنما يدعى أولًا إلى الإيمان، وكان الإيمان إنما يجب ما كان قبله من الذنوب التي معهم بينهم وبينه دون المظالم، قال: {من ذنوبكم} ولو عم بالغفران لأفهم ذلك أنهم لا يدعون بعد الإيمان إلى عمل أصلًا: {و} لا يفعل بكم فعل من تعهدون من الملوك في المعاجلة بالإهلاك لمن خالفهم، بل: {يؤخركم} وإن أخطأتم أو تعمدتم وتبتم: {إلى أجل مسمى} عنده سبق علمه به، وهو آجالكم على حسب التفريق، ولا يستأصلكم بالعذاب في آن واحد كما فعل بمن ذكر من الأمم.
فلما بين لهم الأصيل بدليله فروع عليه ما لا ريب فيه في قصر نفعه عليهم، علموا أنه لا يتهيأ لهم عن ذلك جواب فأعرضوا عنه إلى أن: {قالوا} عنادًا: {إن} أي ما: {أنتم} أي أيها الرسل: {إلا بشر} وأكدوا ما أرادوا من نفي الاختصاص فقالوا: {مثلنا} يريدون: فما وجه تخصيصكم بالرسالة دوننا؟ ثم كان كأنه قيل: فكان ماذا؟ فقالوا: {تريدون أن تصدونا} أي تلفتونا وتصرفونا: {عما كان} أي كونًا هو كالجبلة، وأكدوا هذا المعنى للتذكير بالحال الماضية بالمضارع فقالوا: {يعبد آباؤنا} أي أنكم- لكونكم من البشر الذين يقع بينهم التحاسد- حسدتمونا على اتباع الآباء وقصدتم تركنا له لنكون لكم تبعًا: {فأتونا} أي فتسبب- عن كوننا لم نر لكم فضلًا وإبدائنا من إرادتكم ما يصلح أن يكون مانعًا- أن نقول لكم: ائتونا لنتيعكم: {بسلطان مبين} أي حجة واضحة تلجئنا إلى تصديقكم مما نقترحه عليكم، وهذا تعنت محض فإنهم جديرون بأن يعرضوا عن كل سلطان يأتونهم به كائنًا ما كان كما ألغوا ما أتوا هم به من البينات فلم يعتدوا به، فكأنه قيل: فما كان جواب الرسل؟ فقيل: {قالت}.